إذا كان هناك حدث مهم ومحوري في تاريخ المغرب العربي الحديث غير استقلال بعض دوله فهو بدون شك حدث تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ( جبهة البوليساريو )
فلقد كان الشعب العربي الصحراوي في وضع مختلف ؛ عن جيرانه الذين نالوا استقلالهم عن فرنسا بدفق دماء الشهداء في الجزائر أوباتفاقيات واستفتاءات في المغرب وموريتانيا.
لقد كان الشعب الصحراوي يكافح الاستعمار الاسباني بصبر وتضحية ؛ وكانت إسبانيا الضعيفة والمرتبكة أمام المقاومة الصحراوية تبحث عن صفقة ما تخرج بها الصحراء الغربية مقابل مصالح ؛ فرتبت اتفاقية مدريد 1975 المشؤومة مع الرباط وانواكشوط.
ولم يكن دخول موريتانيا طرفا في القصة إلا فخا مغربيا إسبانيا يستهدف دق إسفين بين شعب واحد قسمته الجغرافيا والاحتلال الأوروبي لطرفيه.
كان تأسيس البوليساريو سابقا لتلك الاتفاقية المشؤومة ؛ لكن نخب الصحراويين والموريتانيين اشتركوا معا في فاتورة الدم والنار ضد مشروع دفن الشعب الصحراوي في رمال المؤامرات .
لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع صمود جبهة البوليساريو في وجه تحالف إقليمي مسنود أوروبيا وعربيا وعالميا ؛ شعب قليل العدد يعيش مرحلة صعبة من تاريخه في مواجهة قوى مجهزة جيدا ولديها غطاء جوي غربي شرس .
لكن الأيام أثبتت قوة وأصالة الشعب الصحراوي ، فلم يطل الوقت حتى أثبتت جبهة البوليساريو مصداقيتها الفكرية والنضالية ؛ وأرغمت الرباط والعالم على الاعتراف بها كطرف صلب يمثل حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
لقد هزم جيش التحرير الصحراوي المحتل المغربي عسكريا وأرغمه على استجداء اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1991
وهزم الصحراويون بثبات كل الخطط المغربية لتفكيك نواة كفاحهم الصلب ؛ فلا تكتيك العودة أثر على البندقية الصحراوية وشرعية القضية عالميا ولا محاولات تفكيك شبكة الأمان السياسي للبوليساريو نجحت ؛ فقد أفشل الصحراويون الأحرار كل مكر الرباط بهم.
واليوم تخوض جبهة البوليساريو حرب التحرير الثانية وصوت الشعب الصحراوي يملأ أسماع العالم ؛ والبوليساريو أكثر قوة وألقا.
فتحية لشهداء جيل التأسيس ولكل شهداء القضية العادلة من الصحراويين والموريتانيين.
لقد صنعت دماؤهم الزكية سارية نصر تنغرس عميقا في الصحراء الغربية ليرفرف عليها علم الجمهورية العربية الصحراوية شامخا رغم أنف الاحتلال وعملائه.
إن العالم كله بدأ يدرك أن لاسلام ولا استقرار دون الاعتراف بحق الشعب العربي الصحراوي في استقلاله التام وتحرره من قيود أسخف احتلال عربي لبلد عربي مجاور ؛ فليس للمغرب أي حق في احتلال الصحراء الغربية وتشريد شعبها وسفك دمائه ونهب ثرواته والتنكيل بالمقاومة المدنية السلمية الصحراوية في الداخل المحتل .
فتحية للمناضلين تحت جبروت الاحتلال وفي المهاجر
وتحية للشعب المناضل في مخيمات العز والكرامة
وتحية لكل المقاتلين الأشاوس في خطوط المواجهة مع العدو .
النصر قريب ..
والله خير الناصرين
كل الوطن أو الشهادة
عبد الله ولدبونا/كاتب وباحث استراتيجي موريتاني
Discussion about this post