وفقاً لأحدث النظريات الأكاديمية في الإعلام المعاصر الذي يسبق الحدث وليس مع الحدث فقط ، ولا يقتصر على نقل الواقع كما هو ، وفي زمن أصبح فيه كل مواطن صحفي، وأيضاً في الوقت الذي يعمل غيرنا على إعداد خرائط للتفاعل وكيف يتم الاستثمار الأمثل لوسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي لكسب ثقة المواطن ومحاربة الفساد واالكشف عن العيوب والنواقص …
مقابل ذلك نفاجىء بأن هناك من يهاجم الصحفي السوري من نفس البيت الصحفي السوري ، وهو هجوم على المهنة والواجب الصحفي لا بل ربما الدعوة للعزوف عن مهنة الصحافة، ومن موقع عملي الصحفي والنقابي في اتحاد الصحفيين أستغرب أن يقول السيد وزير الإعلام في اجتماع لجنة الإعلام بمجلس الشعب ( أن الحق على الصحفي في واقعة المصرف العقاري لأنه ذهب وكتب بدون مهمة ) .! من وجهة نظري هذا الكلام يبث روح الإحباط ولا يتناغم مع الدور المأمول والمرتقب من الإعلام كي يكون جسراً بين المواطن والمسؤول ، وكأننا نطلب من الصحفي أن يغمض عيناً كي لا ينقل مايراه، أو يفقد قدرته في الوصول إلى مكان الحدث المفاجىء أو يتفرج على الحريق بدلاً من الإسهام في إخماده، والغريب بالأمر أننا نسمع كلاماً من هذا النوع بعد أيام من ختام ورشة عمل حول صحافة الحلول وكيف يجب أن يعرض الصحفي المشكلة وطريقة حلها .
أما مناسبة كلام السيد الوزير فهي ما حدث في فرع المصرف العقاري بالصالحية عندما تم منع الصحفي من القيام بواجبه بعد أن استوقفه الازدحام الكبير لطلاب الجامعات أمام المصرف لتسديد الرسوم وبادر لتصوير المشهد ومحاولة زيارة المديرة لمحاورتها حول المشكلة والحل . فأين المشكلة في ذلك؟.
وما هي المخالفة؟ إن النجاح في الإعلام أصبح يقاس في الغالب بالسرعة وبالمقدرة على تجاوز ما هو راهن، والنجاح الحقيقي في مدى اتساع جماهيرية العمل الإعلامي والثقة بتأثيره وفاعليته،والسيد الرئيس بشار الاسد دعا الحكومة لاستخدام الإعلام كأداة عصرية في قمة التطور في مواجهة احتياجات الحياة والتطوير والتنمية.
وأريد أن أسأل السؤال التالي : هل استفاد الإعلامي السوري واستفادت الصحافة السورية من كامل مساحة الحرية الممنوحة ؟.
وهل استطاعت الصحافة أن تجعل من توجيهات السيد الرئيس واقعاً يلامس قضايا المواطنين ويمد الجسور معهم؟.
عندما نقول لا بكل صدق وشفافية ندرك تماماً الاسباب التي تمنع ذلك وفي مقدمتها الاختلاف في الفهم والتفاهم مع الصحافة وخاصة من قبل الحكومة . ولذلك كيف يمكن لإعلام أن يقوم بالدور الذي يستطيع من خلاله أن يساهم في بناء الدولة. ولذلك أيضاً لا بد أن يخرج الصحفي عن النص ويرفض الإملاءات ويتحرر من قيود الإدارات ومن النمطية ويسعى إلى الصدق والمعلومة والشفافية.
ولا بد من أن يتوافر الفهم المشترك بأن الحكومة هي حكومة وليست الدولة وان الإعلام هو للدولة وليس للحكومة . وأختم بالقول يا ليت السيد وزير الإعلام سألني ماذا حدث في المصرف العقاري ؟ ولماذا وكيف حدث ما حدث .
قبل أن يقوم بترحيل ذلك كله إلى عدم وجود مهمة للقيام بواجبي الصحفي، ولا أدري بعد اليوم إذا رأى الصحفي حدثاً أو وقف بالصدفة على خلل او فساد ما ، أو شاهد حادث سير أو حتى مواطن استوقفه ليشتكي ويرفع الظلم عنه ..
لا أدري إذا كان مسموحاً له أم يترك كل شيء ويذهب إلى جريدته ليحصل على مهمة ثم يعود بعد خراب البصرة، لكن قبل ذلك كله يجب ان يسأل الصحفي نفسه ما جدوى وفائدة البطاقة الصحفية التي يحملها ؟!
يونس الخلف
Discussion about this post