كما تحتل دول دولا أخرى وتستوطنها وتنهب خيراتها، كذلك يتم احتلالك أنت كشخص، فأنت أرض خصبة قابلة للانتاج والعطاء وقادرة على استقبال النور، مما يجعلك مطمع لكل طفيلي أجوف وفارغ.
يأتيك ذاك الأجوف بعدة وجوه أو بالأصح بعدة أقنعة لأنه لا يملك وجه ولا هوية واضحة، وبما أنه من قدم إليك أي أنه هو من قام بالفعل فلا بد أن يصدر عنك “رد فعل” مما يجعلك ملكه لأن رد الفعل يأتي بعد الفعل ويعتبر عقد ملكية يملكك به من قام بالفعل الأول، ورد فعلك هو السلسلة التي تربطك بصاحب الفعل إلى أن تقرر أن تقطع تلك السلسلة وتبدأ بالاستجابة الواعية بدلا عن رد فعل لا واعي.
أحد الأقنعة الذي يكلمك المحتل من ورائه هو قناع الحيوية والإبداع ويا له من قناع جميل ومبهر فكيف نميز إن كان حقيقيا أو مجرد قناع!!
لنعرف حقيقة المبدع الذي أمامنا إن كان حقيقيا أو أحد أساليب الاحتلال (وبإسلوب آخر إن كان حياً أو يدعي الحياة) يجب أن نتعرف جيدا على صدى إبداعه بداخلنا، فالمبدع الحي يحيي الإبداع بداخلنا ويجعلنا أكثر نشاطا وحيوية وقابلية للعطاء لأنفسنا ثم للآخرين، أما لمدعي الحياة صدى مدمر بداخلنا نشعر معه بالموت وانعدام الرغبة بالحياة ونجد أن أفضل ما يمكن أن نقدمه هو التضحية بكل شيء لأجل هذا المحتل البراق خاطف الأنوار، و يكون عنوان علاقتك به هو “أنا أعطي ليأخذ هو دائما”.
وقد يلعب المحتل الخفي الدور بصورة عكسية، فيكلمك بصورة الميت ويستخدم صوت ومفردات الأموات الذين صنعوه وهو طفل صغير، وهذا فقط لأخذ رد فعلك والذي سيكون بالتأكيد إعطاء الحياة والنور والحيوية له لترفع من شأنه ومعنوياته وتردداته لأنك تتعاطف مع ما ترى وتسمع دون وعي منك، وفي كلتا الحالتين يكون قد نهب خيراتك (نورك) الذي تسميه عطف أو حب أو اهتمام دون أن تعرف أنه هو سبب انهاكك وتعبك وحتى مرضك.
سواء استخدم المحتل معك قناع الموت أو الحياة فهو قد نجح بالتسلل إلى داخلك وصرت شخصا لا تعرفه، غالبا كئيب قليل الحيوية لا ترى أن لك قيمة إلا إن تكرم عليك بالبعض منها وأن عليك دائما العمل على إرضاءه والتضحية من أجله فيما يطلبه (وما أكثر طلباته) لكن هذا ليس كل شيء، فمن أهم مقاصد أي احتلال هي أن “يعيش إلى الأبد”..
وبما أنه أجوف وفارغ وعقيم فهو لا يستطيع التكاثر ليضمن استمراريته إلا عن طريق الاستنساخ، ولا حل إلا بتحويلك لنسخة منه وهنا يأتي دور قناع الديكتاتور ويسمى لدى بعض المختصين بالصحة النفسية بـ (صوت الإله)، حيث يمارس المحتل دور العارف بكل شيء والمسيطر والمتكبر المغرور صاحب القرار الأوحد الذي لا نقاش فيه ولا عودة عنه ولو أثبت فشله، يتفنن المحتل بحرمانك من السؤال والاستفسار ويفرض عليك ماتفعل وما لا تفعل فتكون ردة فعلك على هذا السلوك هي أن تلبس نفس القناع وتتكلم بصوت الإله وتضرب بسيفه وهكذا تكون تحولت لنسخة عن المحتل الذي عمل على:
– احتلال جسدك (فجسدك يتبع له)
– احتلال عقلك (فأنت لا تفكر بل تقلب الأفكار التي زرعها هو لديك)
– احتلال مشاعرك (هو المتحكم بعاطفتك فتراك تضحك لموت أحدهم بينما تبكي لموت الآخر مع أن الفعل واحد وهو “الموت” والفرق الوحيد أن الميت مستنسخ من محتل آخر)
أنت حتى لم يخطر ببالك لم َ تحاول إيجاد تبرير لشيء لم تفعله وتعمل على التكفير عن ذنب لم تقترفه، لكن بما أنك وصلت بالقراءة إلى هذا الحد فأنت تقاوم الاحتلال وهنا يجب أن تحذر!!
المقاومة لا تكون بنفس ألاعيب المحتل القذرة وإلا سيكون قد نجح باحتلالك بشكل كامل وجعلك نسخة منه، الحل يكون..
– بتأمين حدودك جيدا ” بعد رسمها”، فأنت لم ترسم حدودا وسمحت للجميع بالاقتراب ظنا منك أن العطاء المفتوح هو ميزتك.
– بالانتباه إلى الأصوات بداخلك لتميز منها صوتك الحقيقي وتتمسك به وتتجاهل ما لا يخصك، تمسك بحقيقتك فهي الجوهرة المضيئة التي جذبت إليك المحتل المسيء بالمقام الأول.
فكر بكل ما تحتاجه واعلم أن الحاجات تسعى لتحقيق نفسها بنفسها لكن إن كنا واعيين لذلك كان الطريق أكثر يسرا وسهولة، واعلم أيضا أن أكثر ما تحتاجه هو أن تكون … أنت.
Discussion about this post