علم النفس المرضي
الجزء الثاني عشر
تكملة:
وروى مسلم عن عبد الله قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال: ” تلك صريح الإيمان”
( أي كراهية الأفكار الوسواسية والشعور بالألم بسببها دليل على الإيمان بالله تعالى.
فالملحد لايتالم لإنكار الله أو سبه بل يستمتع بذلك ويتباهى به)
وروى الامام أحمد بسنده إلى إبن عباس رضى الله عنهما قال:” جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لاحدث نفسي بالشيء لإن آخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به: قال: الله اكبر الله اكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة “( ورواه أيضاً أبو داوود والنسائي والحديث صحيح) .
وفي صحيح مسلم بشرح النووي باب :” بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها فيه”.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به . قال : وقد وجدتموه؟
قالوا: نعم . قال: ” ذاك صريح الإيمان ” .
وفي الزاوية الأخرى: سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال:” تلك محض الايمان” .فقوله صلى الله عليه وسلم: ذاك صريح الايمان . ومحض الايمان معناه استعظامهم الكلام به هو صريح الايمان . فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به إنما لمن إستكمل الإيمان إستكمالا محققا وإنتفت عنه الريبة والشكوك . وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يأس من إغوائه .فينكد عليه بالوسوسة.
وتأتي مسألة اخرى يعاني منها نسبة من الموسوسين .وهي الخوف الشديد من التلفظ بالطلاق بشكل صريح أو بالتلميح والرعب الهائل من أن يكون الطلاق قد حدث بسبب ذلك وهنا . وهنا لا يكف الوسواسي عن سؤال من حوله : هل وقع مني الطلاق أم لا؟ وتفشل كل المحاولات لإقناعه بأن الطلاق لم يقع.
ويظل ينتقل من شخص إلى آخر في أسرته يسأله ثم ينتقل إلى علماء الدين يلمح عليهم في السؤال حتى يضيقوا به وبإلحائه فينهروه أو ينصحوه بالذهاب لطبيب نفسي .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:” إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل به أو تكلم”.
وهذا الحديث رواه البخاري (5269)
في كتاب الطلاق.
باب الطلاق في الإغلاق و مسلم (127) في كتاب الإيمان .
باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر وأبو داوود (2209 ) في كتاب الطلاق ( باب الوسوسة بالطلاق)
والترمزي (01183) في كتاب الطلاق ( باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته ) وابن ماجه ( 2044) في كتاب الطلاق ( باب طلاق المكره والناسي)
وقال الصنعاني في كتابه ” سبل السلام في شرح بلوغ المرام”.
والحديث دليل على أنه لايقع الطلاق بحديث النفس .وهو قول الجمهور ؛
وأن الله تعالى لا يؤاخذ الأمة بحديث نفسها وأنه ” لايكلف الله نفساً إلا وسعها ”
وحديث النفس يخرج من الوسع.
– والحديث دليل على أن الأحكام الاخروية من العقاب معفوة عن الأمة المحمدية إذا صدرت عن خطأ أو نسيان أو إكراه . وطلاق المكره لايقع عند الجمهور. وقد استدلوا بقوله تعالى ” إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان “؛
وقال عطاء” الشرك أعظم من الطلاق . وقرر الشافعي الاستدلال بأن الله تعالى لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الإكراه واسقط عنه أحكام الكفر . كذلك سقط عن المكره ما دون الكفر ؛ لأن الأعظم إذا سقط سقط وماهو دونه بطريق الاولى.
يتبع
د.عبدو حسين عبدالكريم
طبيب استشاري في الطب النفسي المرضي
Discussion about this post