الاضطرابات الصغرى
الخلفة :
يطلق اسم الخلفة على الانسحاب المسرف في الشدة ذي النغمة الانفعالية القوية ،
وتبدو الخلفة في صورة العناد والتمرد والرفض والاستجابة السلبية لأي إيحاء اجتماعي.
و لمعنى الخلفة تطبيقات ثلاثة .. فهو يكاد يكون لوناً سوياً من السلوك لدى الصغار من الأطفال.
ثم هو توافق غير ملائم في الأطفال الأكبر سناً وفي البالغين ، وهو أخيراً عرض لبعض الحالات الذهانية.
والأطفال الصغار وخاصة منذ سن الثانية أو الثالثة يبدون الخلفة في نوبات كثيرة إلى حد ما .
لأن وسائلهم لتقرير ذواتهم في هذه السن محدودة ، ولكنهم يستطيعون بالرفض غير المعقول تحقيق أهدافهم وجذب الانتباه إليهم. والخلفة ذات صلة بنوبات الطبع ،
وهو لون من السلوك يشبه الغيظ.
على أن هذا الطور يسير إلى الانتهاء إذا كانت ظروف تكوين العادات ملائمة.
أما إذا كانت هذه الظروف غير ملائمة فإن الاتجاه نحو الخلفة يظل باقياً حتى المراهقة أو فترات الكبر ويكون حينئذ بمثابة الاستجابة غير الملائمة للصد الاجتماعي.
وبعض الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية خطيرة يبدون الخلفة أيضاً فيرفضون الإذعان للنظام اليومي .. يرفضون تناول الطعام أو يقومون بعكس ما يطلب منهم القيام به ،
ولا يختلف هذا السلوك دلالة عن خلفة الطفولة لأنه وسيلة التعبير الشخصي في ظروف تحدّ من نطاق الصور الأخرى للسلوك الذي يتسم بتقرير الذات.
التخيل :
التخيل أو أحلام اليقظة ميكانزم توافقي يكاد يستعمله كل إنسان إلى حد ما فتخيل الوصول إلى إشباع حاجات لم تتحقق في الواقع لون من التوافق ميسور وسهل الوصول إليه ،
ولما كانت نسبة كبيرة من الناس يستغرقون في أحلام اليقظة كان لابد من اعتبار هذا المخرج سويا.
ففى إحدى الدراسات الاستخبارية لطلبة إحدى الكليات اعترف ٩٨٪ منهم بأنهم استغرقوا في أحلام اليقظة منذ حين قريب .
وتمثل أكثر أنواع التخيل السوي انتشاراً أكثر انواع المطامح ذيوعا.
ومن ثم كانت أكثر أنواع التخيل انتشارا لدى الشبان تدور حول الحصول على القوة أو الجاذبية البدنية والثروة على اختلافها والأملاك
والنجاح المهني والوصول إلى رفيق مرغوب فيه من الجنس الآخر .
والشخص المنسحب المعتزل ينزع عادة إلى عدم الاعتدال في أحلام اليقظة ..
إذ أنّ هذه الوسيلة الإيجابية الوحيدة للتوافق البديل لا تحتاج الى مشاركة اجتماعية .
وليس الإفراط في أحلام اليقظة مما يؤدي الى التوافق الحسن إذ لا حاجة بالشخص إلى محاولة التوافق العملي الصريح مادام يشبع حاجاته إشباعاً خياليا.
ويقرب كثير من الهذيانات الخيالية لدى المضطربين عقلياً إلى حد كبير من أحلام اليقظة السوية ،
إذ لا تزيد عنها في بعدها عن الواقع أو في تعبيرها عن الرغبات.
ولكن الفارق الهام بين الاثنين ينحصر في أن الشخص السوي يدرك أن أحلام يقظته ليست حقيقية ،
في حين أن المريض يرى خيالاته حقائق.
– الهستيريا
_ الهستيريا التحولية:
تعد الهستيريا بين الاضطرابات العصابية من أوسعها انتشاراً ومن أكثرها شدة.
وليست الهستيريا بسوء توافق واحد واضح المعالم ،
ولكنها اسم يطلق تقليدياً على طائفة كبيرة من الحالات ترتبط جميعا بخاصة عامة واحدة توجد في شخصيات الأفراد الذين تظهر عليهم الأعراض الهستيرية.
فيقال ” إن الهستيري” متفكك أو غير متكامل أو تنقصه وحدة السلوك ،
وهذا معنى صعب الفهم ،
ولكن لعل الأمثلة اللاحقة تجعله أكثر وضوحاً .
وأكثر أنواع الهستيريا ذيوعا ما يسمى بالهستيريا التحولية ،
وقد نشأ هذا الاسم من نظرية ثبتت الآن وكانت تقضي بأن ّ الفرد “يحول” صراعه العقلي إلى ك عرض بدني ؛
ويحاكي هذا النوع من الاضطرابات كثيرا من أدلة الاختلال البدني كالشلل و الآلام وفقد الأحاسيس.
وكثيراً ما يعتقد الشاهد غير المجرب وبالأحرى المريض نفسه ؛
أنّ هذه الأعراض فسيولوجية.
ولكن هناك أدلة قاطعة على أصلها النفسي.
وتكون هذه الأعراض عادة موضوعية ؛ تصيب جزءاً محدوداً من الجسم كالشلل في الساق أو الألم في الحلق أو التنميل في اليد ؛
وهي جميعاً تطابق معنى الهستيريا كاضطراب تفكيكي.
ومن قبيل المثال أن رجلاً ذو ذراع مصاب بشلل هستيري ” لا يدع يده اليسرى تعرف ماذا تصنع اليمنى”
بالمعنى الحرفي لهذه العبارة.
فالعضو المشلول ينفصل عن استجابته التوافقية التامة ولم يعد يسهم فيها.
ولكن من صنوف الهستيريا الأكثر شدة الجوال النومي والجوال وتعدد الشخصية.
فتنفصل جوانب بتمامها من الخبرة عن بقية تفكير الفرد وسلوكه.
د.عبدو حسين عبدالكريم
طبيب استشاري في الطب النفسي المرضي
Discussion about this post