إعاقته الحركية منذ الولادة لم تقف حائلاً أمام عزيمة الشاب مفيد مهروسة على إثبات وجوده الفعال في المجتمع عبر مثابرته لتحصيل العلم واكتساب المعرفة العملية في مجال التدريب على الآلات الصناعية.
حكاية تميز وإبداع نسجها الشاب مهروسة من حلب ليشكل نموذجاً إيجابياً في المجتمع فهو يسعى لتحقيق طموحه بدخول عالم الصناعة بالتوازي مع متابعة تحصيله العلمي العالي بعد نيله الإجازة في الهندسة الميكانيكية من جامعة حلب بتفوق.
ويقول المهندس مهروسة لمراسل سانا بحلب خلال مرافقته لمجمع مراكز التدريب المهني إنه يحرص يومياً على ارتياد المجمع التابع لوزارة الصناعة بمنطقة ميسلون قاطعا مسافة 3 كم على كرسيه المتحرك ليقرن معلوماته النظرية والعملية بالتدريب المباشر على أحدث الآلات الصناعية التي تعمل وفق انظمة الحواسيب البرمجية الموضوعة بمتناول المتدربين ضمن المجمع بعد إعادة تأهيله.
ويضيف أنه من مواليد 1992 وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية (مقعد) منذ الولادة نتيجة مشاكل صحية خلقية الأمر الذي زاده إصراراً على متابعة حياته ودخول المدرسة وإنهاء المراحل التعليمية فيها بتفوق ودخول الجامعة والحصول على إجازة في الهندسة الميكانيكية وذلك بمساعدة أصدقائه بالمدرسة والكلية.
ويؤكد مهروسة أنه بإصراره على إكمال دراسته تمكن من تجاوز جميع الصعوبات المتمثلة بالتنقل بين الاقسام والمخابر واستخدام الآلات والتدرب عليها خلال الدروس العملية معتمداً على بنيته الجسدية العلوية السليمة وبالتالي تحقيق طموحه بدراسة فرع الميكانيك الذي اختاره والبدء بدراسة الماجستير وإيماناً منه بضرورة دخول المجال الصناعي وزيادة خبرته العملية وإغنائها بالتطبيق المباشر على الآلات الصناعية دخل إلى مجمع مراكز التدريب المهني للتدرب.
ويلفت مهروسة إلى أنه في البداية خالجه شعور بالخوف من عدم تمكنه من تشغيل الآلات لكنه استطاع بإرادته التغلب على ذلك الشعور وإنتاج قطع ميكانيكية بإشراف المدربين.
وحول ذهابه اليومي إلى مجمع مراكز التدريب المهني ودوامه في الجامعة يبين مهروسة أنه يذهب بمفرده على الكرسي المتحرك إلى المجمع والكلية لمتابعة دراسة الماجستير وتحقيق أحلامه وتقديم خبراته في خدمة المجتمع والوطن.
ويقول المهندس باسل حصري مدير مجمع مراكز التدريب المهني بحلب إن المجمع ينفذ بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي بدمشق دورات في مراكز المعادن والمعلوماتية والكهرباء الصناعية لحوالي مئة متدرب منهم مهروسة الذي لمسنا فيه حب العمل والتميز وقدمنا الدعم والتسهيلات له لتحقيق حلمه.
المهندس المدرب عمر الغازي من قسم الآلات المبرمجة بمركز المعادن بالمجمع بين أنه يشرف على تدريب مهروسة على آلة الفارزة المبرمجة لتصنيع قطع الآلات باستخدام الحاسب ولاحظ الاندفاع لديه للتعلم موضحاً أن الخبرة التي يتم إكسابه إياها تأتي متممة لمعلوماته النظرية بالجامعة.
وفي قسم الخراطة والتسوية أوضح المدرب هيثم كامل أنه يدرب مهروسة على آلة فارزة نصف آلية لتصنيع القوالب المعدنية ولمس فيه سرعة الاستيعاب مع الالتزام بالتدريب والدوام.
وفي صالة الحواسيب للرسم والتصوير بمساعدة الحاسب تحدث المهندس المدرب فادي غريب عن تفوق مهروسة باختبار تحديد المستوى وتجاوبه الكبير في التدريب العملي والتزامه به ونيله العلامات الاولى على الآلات المبرمجة.
ويقول المهندس جورج سابا صديق مهروسة الذي لازمه الدراسة الجامعية وفي مركز التدريب ويحرص على تقديم المساعدة له أثناء تنقله بين الصالات والأقسام ولا يتوانى عن حمله أثناء صعود السلالم لباقي القاعات مشيراً إلى أن مهروسة أثر فيه لكونه استطاع تجاوز جميع الصعوبات للوصول إلى هدفه وكان مميزاً في الجامعة وعرف كيف يربط الفكرة مع الواقع العملي.
عميد كلية هندسة الميكانيك بجامعة حلب الدكتور محمد حماد أوضح أنه أشرف على تدريس مهروسة في الجامعة بثلاثة مقررات وكان من الطلاب المجتهدين والمميزين بأخلاقه والتزامه ويتابع محاضراته بجدية ولم يثنه وضعه الصحي عن الدراسة والتدريب بل شكل حافزاً له ليكون قدوة لكثير من الطلاب.
Discussion about this post