مذكرة حول عودة الحرب في الصحراء الغربية من إعداد مركز الدراسات حول الصحراء الغربية بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا (غاليثيا ـ إسبانيا) نيسان/إبريل/أيار/مايو 2021 ترجمة: مصطفى الكتّاب
1. أزمة الكركرات وانهيار وقف إطلاق النار
1.1 المغرب ينتهك وقف إطلاق النار بعمليته العسكرية في الڭرڭرات لأنه خرق الاتفاق العسكري رقم 1.
الاتفاق العسكري رقم 11 المبرم بين بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” والقوات المسلحة الملكية المغربية لا يشير إلى ثغرة الڭرڭرات كمنطقة عبور من جدار الفصل، ولذلك شكلت إقامة ذلك الممر حينها تغييرا في الوضع القائم مثلما حذر من ذلك الأمين العام الأممي في تقريره 398/2001/S2 في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2020، تظاهر مدنيون صحراويون بصفة سلمية بين تلك الثغرة “الحدودية” غير الشرعية والحدود الموريتانية التي هي منطقة عسكرية حصرية خاصة بالبعثة الأممية “مينورسو”، ضد الاتجار والعبور غير الشرعي للبضائع بين المناطق الصحراوية المحتلة والحدود الموريتانية.
مجلس الأمن في قراره (S/RES/2548)3 الصادر في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 لم يدن تلك الاحتجاجات السلمية الشرعية التي قام بها أولئك المدنيون. في 13 من تشرين الثاني/ نوفمبر عندما كان الأمين العام الأمي يحاول التوصل إلى اتفاق، اجتاح الجيش المغربي المنطقة واعتدى على المدنيين الصحراويين بالقوة والعنف، وخرق بذلك وقف إطلاق النار والاتفاق العسكري رقم 1.
أمام تراخي وعدم اهتمام الأمم المتحدة لمواجهة هذا الاعتداء على منطقتها الحصرية، قررت جبهة البوليساريو التحلل من وقف إطلاق النار واستئناف الحرب.
2.1. المغرب ينتهك الشرعية الدولية بأفعاله. يعرّف الاتفاق العسكري رقم 1 المنطقة التي تم اجتياحها من قبل المغرب كمنطقة حصرية لتواجد بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” ويمنع فيها أي نشاط عسكري. هذا المنع لا يشمل الاحتجاجات المدنية السلمية.
والحفاظ على الوضع القائم في تلك المنطقة هو مسئولية حصرية لبعثة الأمم المتحدة “مينورسو”، والمغرب لا يتمتع بأي صلاحية للحفاظ على الوضع القائم في المنطقة. لذلك فإن تصرف المغرب الانفرادي أدى إلى ضرب الشرعية الدولية لما مثله من توسيع للمناطق التي يحتل، خارقا بذلك الاتفاق العسكري رقم 1، ومتجاهلا الصلاحيات الممنوحة لبعثة الأمم المتحدة “مينورسو” من قبل مجلس الأمن الدولي نفسه.
2. الطبيعة القانونية للإقليم وتطور النزاع 1.2 قضية الصحراء الغربية حسب القانون الدولي هي قضية تصفية استعمار وليست مشكلة “وحدة ترابية”. منذ العام 1961، اعتبرت الأمم المتحدة أن الصحراء الغربية “إقليم غير متمتع بحكمه الذاتي” يحكمه قانون الحق في تقرير المصير وفقا للماد 73 من ميثاق الأمم المتحدة4 والقرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة.5 منذ 1972، اعترفت الأمم المتحدة في توصيتها A/RES/29836 بحق الشعب الصحراء الإسبانية/ الصحراء الغربية في تقرير المصير والاستقلال. وما تزال الصحراء الغربية اليوم مسجلة ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بحكمها الذاتي” في انتظار تصفية الاستعمار. في العام 1974 أعلنت إسبانيا بصفتها القوة القائمة على الإدارة أمام الأمم المتحدة، أنها ستنظم استفتاء لتقرير المصير في النصف الأول من العام 1975 تطبيقا للقرار 1514.
المغرب وموريتانيا، ادعتا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه لا يمكن تنظيم الاستفتاء، لأن الإقليم حسب ادعاءاتهما جزءا من “الوحدة الترابية” لكل منهما في الفترة ما قبل الاستعمار. لحل هذه الملابسات، طالبت الجمعية العامة بتأجيل الاستفتاء حتى تعلن محكمة العدل الدولية رأيها في القضية. 2.2.
رأي محكمة العدل الدولية لا يعترف بأن المسألة مشكلة تتعلق بالوحدة الترابية للمغرب وإنما هي قضية تصفية استعمار. وقد رفضت محكمة العدل الدولية في رأيها الصادر في 16 تشرين الأول/أكتوبر 19757 الإدعاءات المغربية والموريتانية حول مزاعم سيادية ما قبل الاستعمار الإسباني في 1884، حيث خلصت ـ المحكمة ـ إلى أن إسبانيا لم تستعمر “أرضا خلاء” (TERRA NULLIUS) لأنها أبرمت اتفاقا مع قبائل الإقليم الحرة المستقلة للتواجد هناك. وتم إعطاء الضوء الأخضر لإسبانيا لمواصلة تنظيم الاستفتاء.
وقد أوضحت المحكمة بكل جلاء ما يلي:
1 ـ أن الإقليم في وقت استعماره من قبل إسبانيا (1884) لم يكن أرضا خلاء (terra nullius) وأن إسبانيا فاوضت استعمارها مع زعماء قبائل صحراويين. 2 ـ غالبية القبائل الصحراوية في الإقليم كانت مستقلة ولا تربطها أي علاقة بالسلطان المغربي.
3 ـ فقط بعض قبائل شمال الإقليم كانت لديهم علاقات مع سلطان المغرب، لكنها لم تكن روابط سيادة، لأن قسم البيعة كانوا يقومون به عندما يريدون التجارة في جنوب المغرب، ولكن حين يعودون للإقليم يصبحون أحرارا كليا ومستقلين، مما جعل المحكمة تؤكد أن تلك “الروابط” لا تعني ممارسة فعلية للسيادة على الإقليم.
4 ـ الأمر يتعلق بقضية تصفية استعمار مما يجعل تطبيق القرار 1514 في قضية الصحراء الغربية لا يمس من الوحدة الترابية لأي دولة من الدول المطالبة بالإقليم. 3.2. مصطلح ومفهوم الوحدة الترابية المغربية يشكل خطرا على أقاليم ودول أخرى، لأنه لا يستجيب لمطالب تاريخية أو قانونية وإنما لأطماع توسعية. والدليل على ذلك، ما صرح به (السيد اسلاوي) مندوب المغرب أمام محكمة العدل الدولية بأن الداخلة (فيلا سيسنيروس القديمة) لم تكن مغربية أبدا. هذا يعني أن “مصطلح الوحدة الترابية” لا يعتمد على مقاييس تاريخية أو قانونية، وإنما نزوات مغربية تتقلب بتقلب مزاجه النظام في الظروف الدولية، مما يشكل خطرا دائما على الأقاليم والدول المجاورة له.
4.2. التلاعب بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وتحريفه لشرعنة الغزو وإكراه الحكومة الإسبانية على التخلي عن الإقليمية. قام الملك الحسن الثاني بالتلاعب بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وتأويله تأويلا محرفا كليا ونظم ما سمي “المسيرة الخضراء” عندما كانت إسبانيا تعرف فراغا سلطويا بسبب موت فرانكو رئيس الدولة حينها.
Discussion about this post