يميل معظم الأطفال لخلق أصدقاء خياليين ويعطونهم أسماء و أشكال “غالبا” ما تكون محببة بالنسبة لهم، و يقضون معهم أوقاتاً جميلة باللعب و التسلية.
و هذا الصديق الخيالي هو أفضل ما يمكن أن نشرح به كلمة “تولبا”، فهو كيان يتولد داخل العقل ثم يستقل و تكون له أفكاره الخاصة و مشاعره و حتى ذاكرته.
التولبا هو فكرة تتطلب وقت و جهد و تركيز حتى تتجسد، و بعد تجسدها و إطلاقها يمكن لصانعها أو خالقها أو مصدرها، التحدث مع هذه الفكرة فتتجاوب معه و تجيبه على تساؤلاته و تطمئنه حين يكون خائفا و تؤنسه حين وحدته.
باختصار .. كل ما يقوله الطب النفسي عن الهلاوس و الفصام هو “تولبا”، لأن للتولبا صوت يتجاوز الرأس و يسمعه صانع التولبا كأنه صادر عن شخص آخر يجلس معه، و قد يتجاوز الإحساس بحضوره إلى رؤيته رؤية العين.
ومن هنا، طوّر السَّحرة تقنياتهم ليصنعوا “السيرفاتور”، وهو الخادم و أكثر ما يمكن أن يشبّه به جني المصباح، لأنه يخلق بغرض الخدمة و توكل له مهام خاصة بعد ان يعطى اسم و شكل و مكان للسكن قد يكون مصباح او خاتم أو كتاب او أي شيء و ذلك بحسب الخدمة الموكلة له.
أما الإغراغور فهو كيان غير فيزيائي (لا جسد له)، يصنعه مجموعة من الأشخاص، و ربما يفكر بصنعه شخص واحد ثم يطرح فكرته أمام مجموعة ليعززوها بطاقتهم، فالاغراغور يحتاج الوعي الجمعي حتى ينطلق، و كلما كانت المجموعة أكبر كلما ازداد الإغراغور قوة و سطوة لدرجة أنه يتمكن من زرع أفكار برأس من شاركوا بصنعه. و لا بد من الإشارة إلى أن طاقة الإغراغور معدية، فمن يخالط مجموعة من الناس تعتقد بمعتقد معين فإنه و بنسبة كبيرة جدا سيتأثر بتلك الطاقة و تجذبه إليها، لذا علينا الانتباه إلى مصدر أفكارنا و معتقداتنا، و الانتباه لكل ما روج و يروج له من أسماء لملائكة أو آلهة فكلها أسماء تعبر عن طاقات بعيدة جداً عن الطاقات الأصيلة بالرغم من أنها قد تتصل بها ومن هنا كانت قصة “الآلهة المزيفة”.
التولبا و السيرفاتور و الإغراغور مسميات تعود لكل من التيبت و اليونان، و تجدها في كتب السحر و الثيوصوفيا.
يحب السحرة السيرفاتور لما يقدمه لهم من خدمات أي أنهم “يحتاجونه”، و التولبا يتم صنعه من السحرة و غيرهم بسبب الحاجة لصديق أو حبيب أو قاتل المخاوف، أما الإغراغور فصنعه تحركه الحاجة لوجود الأب أو السند الذي يجعلنا ننام حالمين بغدٍ أفضل.
أي أن الحاجة هي المحرك، و السبب هو الفشل.
فإن احتجت للتولبا كصديق أو حبيب، فهذا لأنك فاشل اجتماعيا و لديك ما يكفي من المشاكل النفسية التي تبعدك عن الأشخاص الحقيقيين، و حاجتك للسيرفاتور مصدرها عدم قدرتك على المواجهة و المطالبة بحقوقك أو الكسل الشديد، و حاجتنا إلى الإغراغور والتي تجعلنا نؤمن به تريحنا من التفكير و إعمال العقل من خلال تبني ما تقوله المدرسة التي نتبعها.
يقول أصحاب الفلسفات و المدارس التي تتبنى هذه المفاهيم، أن من لا يؤمن بها لا يرى أبعد من أنفه فهي موجودة حتى وإن أنكرناها، و الأطباء و الأخصاء بعلم النفس سيسحبون (كل من يرى و يسمع ما ليس متواجد في العالم المادي) من يده إلى أقرب عيادة أو مشفى للعلاج، لكن الماورائيات و الطب النفسي يتفقان على أن هذه الكيانات أو “الوساوس” هي من نتاج عقلك أنت و هي من طاقتك أنت .. و هي أنت.
أعلم أن معظم الناس يسمعون بهذه المسميات لأول مرة، لكني أردت أن أضيء عليها لأني أعلم أيضاً أن ما تدل عليه الأسماء ليست غريبة عنا بل عشناها و نعيشها، فمن منا لا يرزح تحت وطأة الوعي الجمعي!.
من منا لم يجد نفسه تابعا لفكر معين بدأناه من سانتا كلوز و مررنا بالجن و العفاريت حتى وصلنا إلى أشتار و غيره؟
و بناءً عليه يجب أن نجيب على عدة أسئلة ..
هل خلقت صديقا خياليا أثناء طفولتك؟
هل حبست مارد المصباح لتخرجه حين حاجتك التي لا تتمكن من تلبيتها بنفسك!!
إن كانت إجابتك لا فمن الضروري أن تجيب على السؤال الأهم..
هل شاركت بصنع الإغراغور الذي تتبعه، أم أن العدوى أصابتك؟
و هل هو السحر أم الفصام يا أنت؟!..
غفران جميل
نائبة رئيس التحرير
Discussion about this post