الإضطرابات الصغرى
– سوء التوافق في الحياة اليومية:
إن معاني علم النفس المرضي لا تنطبق على الأشخاص المصابين باضطرابات خطيرة وحسب ؛
بل على كثير من خصائص الأسوياء من الناس أيضْاً. ومعظم الناس أسوياء من حيث إن إرجاعهم شائعة عادية ولا تخرج كثرأ عن أهداف حياتهم. ولكن ليس هناك من هو كامل ؛ وكل إنسان يبدي على الأقل بعض العلامات الصغيرة على التوافق غير الملائم . وإن الدراسة النفسية للناس الأسوياء لميدان دراسة ذو دلالة لأنه يسهم في فهم سلوك المرء بطريقة أكثر مباشرة من اي فرع آخر من فروع علم النفس .كما انه بالإضافة إلى ذلك تمهيد لابد منه لدراسة الٱضطرابات الاكثر خطورة.وليس في إستطاعة إنسان ان يفهم طبيعة “الهواء”
إلا إذا فهم أولا معنى ” التعويض ”
و ” التبرير “.
وفي هذا الفصل وصف لبعض تطبيقات علم النفس المرضي على السلوك السوي؛ وعلى طائفة من الاضطرابات الأقل خطورة فيما شببه من عجز.
– ميكانزمات التوافق ؛
تعرف العادات التي يشبع الناس دوافعهم بوساطتها باسم الميكانزمات. فلو ان إنساناً من قبيل المثال ؛ عمل على إشباع حاجته إلى القبول بالتظاهر اللافت للنظر ؛ وبالسلوك الصاخب كثير الصياح وبمقاطعة غيره لقلنا: إن هذه الٱستجابات تكؤن الميكانزم الذي اتخذه للتوافق. والإستجابات الواردة بهذا المثال الذي ذكرناه تعرف” بميكانزمات جذب الأنتباه ” . وهو اسم يدل على طبيعتها ومنفعتها. وكل إنسان يبدي كثيراً من ميكانزمات التوافق. ومن ثم كانت كل الميكانزمات سوية بالمعنى الإحصائي. وتختلف الميكانزمات إختلافا كبيرا من حيث قيمتها التوافقية. ومن حيث الشدة والكثرة التي تستعمل بها. والشخص الحسن التوافق نسبيا أو الشخص الذي لايزال في الأطوار الإكتشافية. المبكرة لتوافق عسير ينزع إلى استعمال ميكانزمات مختلفة كثيرة خلال محاولاته واخطائه. وهذا امر مرغوب فيه لأنه بتجربة إستجابات توافقية كثيرة ؛
خليق بأن يقع على الاستجابة المرضية.اما في الاطور المتأخرة لسوء التوافق فإن الشخص قد يجد سلوكه التوافقي في ميكانزم واحد يصبح العامل المسيطر على شخصيته. وهذا الامر يميز الإضطرابات الأكثر خطورة.
– الميكانزمات الدفاعية:
تكؤن الميكانزمات الدفاعية صنفا شاملاً عظيم الأهمية من العادات التوافقية. وينطوي السلوك الدفاعي على إستجابات تنزع إلى تعويض عيب او صراع شخصي او إخفائه او تقنيعه. وتستخدم الميكانزمات الدفاعية للتوافق مع إحباط صادر عن شعور ذاتي بالدونية. فإذا إعتقد شخص ما بأن عجزه عن إشباع دوافعه ناشىء عن نقص في قوته او مهارته او هيئته او ذكائه او مكانته الإجتماعية. كان خليقا ان يسلك سلوكا دفاعيا. ولكن ليس للشعور الذاتي بالدونية الإ علاقة صغيرة بالقدرة الحقيقية. فبعض
القادرين من الناس يعتقدون في أنفسهم الدونية بينما لا تزعج مثل هذه الخواطر كثيرا من غير الأكفاء فالميكانزمات الدفاعية إذن لا تنشأ عن عجز أصيل ولكن عن عوامل ذاتية في شخصية الفرد ؛ وإن المرء لا يحتاج الى فترة طويلة ليكؤن عاداته ؛ تبدأ عادة منذ الطفولة ؛ لكي ينشأ لديه رجع التخوف من النقد الموجه لشخصه. وقد يتسبب هذا من بعض الخبرات كالزجر المسرف. او العقاب في البيت ؛ والسخرية او التعذيب البدني من زملاء اللعب ؛ او الفشل المتواصل في المدرسة. والشخص الذي تعلم هذا الإتجاه المتخوف يكون على أهبة دائما لكي يعتقد في عجزه ؛ ومن ثم ليسلك سلوكا دفاعيا.
والعادات الدفاعية التي تقاوم في الطفولة كثيرا. مما تلازم صاحبها في مستقبل أيامه ؛ بعد أن تكون أسبابها الأولى قد اختفت بزمن طويل ؛ ولما كان كل إنسان يعاني في طفولته مواقف تؤدي إلى الاتجاه نحو الدونية. فكل الناس يستخدمون الميكانزمات الدفاعية بدرجة ما .
ولكن الدفاعات الاكثر شدة وبقاء هي فقط حالات الشذوذ العقلي.
د.عبدو حسين عبدالكريم
طبيب أستشاري في الطب النفسي المرضي
Discussion about this post