تقول الأسطورة الإغريقية أنه وبعد أن قدم بريمثيوس النار للبشر وعرفهم عليها، غضب زيوس كبير الآلهة غضبا شديدا وأراد الانتقام، فقدم هدية إلى “باندورا” وهي عبارة عن صندوقا يحتوي على كل الشرور من مرض وحقد وكذب وغيرها، وأوصاها ألا تفتحه، وهو يعرف سلفاً أنها لن تتمكن من مقاومة رغبتها بفتحه وبالفعل تملك باندورا الفضول الشديد ففتحت الصندوق، وسرعان ما خرجت كل الشرور فقامت باندورا بإغلاق الصندوق خوفا مما رأت، وكان آخر ما خرج منه نورا ساطعا يدعى الأمل ولهذا الأمل حديث آخر.
واستنادا لمغزى الأسطورة يمكن أن نستخلص أن سبب المعاناة في الحب أنه عملية تطهير كاملة لكل ما نخفيه ونقمعه بداخلنا وبالطبع كل ما يطول مكوثه بالأسفل “بعيدا عن الضوء”، يتحول إلى وحش مظلم -بحسب التعبير الدارج- فنحن نسمي البعيد بالغريب أي ننكر معرفته وننفيه “داخليا” لأننا لا ننظف مافي داخلنا ولا نطلق أسر مساجين كهفنا المظلم، فنخزن ذكريات مؤلمة بدأت بالتراكم منذ سن الطفولة.
وبذلك يصبح كهفنا الداخلي كصندوق باندورا المغلق الذي يحتوي على مشاعريصعب التعامل معها ونسميها بالشريرة.
أن تحب يعني أن تفتح صندوق باندورا الذي يحتوي كل الشرور التي طال سجنها، فنغضب بسبب الحب ونخاف من الحب ونخاف على من نحب، و البعض يقتل باسم الحب لأن حبه أخرج وحش الغيرة القاتل من داخله، ولا شك أن في الخوف على المحبوب معاناة والخوف من فقده معاناة والغيرة عليه أيضا معاناة، وما لا نعرفه أن هذه المعاناة ليست عقابا على الحب بل تطهيرا وشفاءً لجروح طال وجودها حتى اعتدنا على الألم الذي تسببه.
الحب كان ويكون وسيكون دائما، لكن عليك ان أردت فتح صندوقك (قلبك) أن تحسن التعامل مع ما سيخرج منه..
بقلم د.غفران جميل
Discussion about this post