تمر أرضنا في دورتها الكاملة من التطور خلال سبعة تجسدات أو جولات أو عوالم أو “كرات” وهي بحسب الفيلسوف رودولف شتاينر على الترتيب التالي: ” زحل، الشمس، القمر، الأرض، المشتري، فينوس، فولكان”، و يُعتقد أننا حاليا في المركز الرابع منها، ولفهم هذه الكرات أو المجالات يمكن تشبيهها بالدمى المتداخلة والتي لكل منها ترددها وأبعادها واهتزازها وهذا مغاير لوجهة النظر المادية للكواكب والنظام الشمسي، ويمكن وصفها بمتعددة الأبعاد ولكن عندما تزداد كثافة الأرض يتحرك مجالها في الواقع بعيدًا عن المصدر، ومع نموها تقل الاهتزازات لتحقيق المادية (المجال الرابع الحالي) ثم ترفع اهتزازها تدريجيًا مع الكرات الخامسة والسادسة والسابعة لتصبح أثيرية.
أما العالم الثامن فيختلف ميكانيكا قليلاً لأنه الأبعد عن الجوهر، لذا هو منخفض الاهتزاز لكنه ليس كثيف بمعنى أنه غير مصنوع من مادة أرضية، وأُطلق عليه العالم النجمي السفلي وهو المعروف باسم الجحيم أوالهاوية أو المطهر، وتلك الهاوية ليست فارغة بل مليئة بالفوضى والكينونات الظلامية القادرة على التفاعل والتعامل مع البشر وبث ما يخدمها على أنه إلهام.
يعتبرالعالم الثامن جهنم لأنه منطقة تحوي جميع الأرواح الشريرة والكينونات الفكرية والإيجراجور والشياطين وانحرافات التطور التي لا تتماشى مع الخلق السامي، و يتم امتصاص كل هذه “المتباعدات” في النهاية بواسطة الكرة الثامنة (العالم الثامن) حتى تنتهي الأرض من دوراتها السبع وهذه النهاية تدعى بآخر الزمان حيث يتم إعادة تدويركل المتباعدات فتبدأ روحهم الأبدية “من البداية” بمعنى أن يصبحوا كائنات جرثومية بسيطة جدا.
قام “الشيطان” أو كما يدعوه شتاينر “آرِمان” بتحريف الحكاية وعكس الواقع ليجعل ممارس السحر الأسود و من باع روحه يبدو وكأنه المسيطر لكنه في الحقيقة ملزم كغيره بالقانون الكوني، ومع ذلك لا ينتهي الشريرمن ألعابه القذرة بل يتحين الفرصة لذلك، فيتواصل المعتدين على الأطفال والقتلة والدجالين مع العالم الثامن وهم يعرفون أنهم محكومون بعدم تجاوز الهاوية لذلك يسعون لإطالة حياتهم بشكل مصطنع من خلال حركة ما بعد الإنسانية وهي “حركة فكرية تدعم استخدام العلوم والتكنولوجيا لتعزيز القدرة الإنسانية العقلية والفيزيائية وقدرة تحمله وحتى إلغاء الغير مرغوب به مثل المرض والشيخوخة ثم التخلص من الموت”، وبالتالي تجنب الكارما الخاصة بهم مؤقتًا.
وهذا يعد تحضير لحدث كوني وهو تجسد آرمان في جسم بشري مادي على الأرض وهو ما يعرف بالمسيح الدجال، سيحدث هذا عندما تتداخل الكرة الثامنة مع الأرض فتصل حركة ما بعد الإنسانية إلى ذروتها، ثم يأتي Ahriman ليقدم الاستبصار للجميع من خلال المخدرات والرقائق والتكنولوجيا ، وذلك غير متماشي مع المصدر فننشغل عنه، وذلك يؤدي بدوره إلى ما يسمى إصطلاحا بـ “تعفن الروح”.
تأتي الهاوية أو المجال الثامن بعد المجالات السبعة الطبيعية للتطور أو “المراحل الكوكبية لنظامنا الشمسي” والكثير يعلق بها ليعيد من جديد، وهذا يأخذنا إلى طبيعة كوكب زحل المرتبط بالرقم 8 مع أن شتاينر يؤكد أن لا علاقة للكرة الثامنة بزحل ولا حتى القمر بل يقول أنها بقايا ما يسميه بـ “القمر القديم”، أما إن نظرنا لمعنى برج الجدي في الاسترولوجي الباطني حصرا لرأينا ما يربط بينهما، فالجدي باطنيا يمثل القدرة على بلوغ النجوم و قدميك على الأرض، لأنه الماعز الذي يصعد الجبل، والذي ان تمكن من بلوغ قمته اتحد قرناه وصارا قرنا واحدا فيتحول من ماعز إلى يونيكورن فيقول:
“فُقدت أنا في ضوء خارق، لكن في ذلك الضوء التفت إلى الوراء” …
ولا شك أن من يلتفت يعيد من جديد.
كما أن الرقم 8 يرتبط بعلامة الانفينيتي “الأبدية” وهذا يعبر عن صعوبة تجاوز الهاوية إلا لمن كان قلبه “نابضا” خادما للبشرية فالقلب (لا المشاعر) هو المحرك والمولد للطاقة اللازمة لعبورها، وعلينا مواجهة كل الشياطين والأفكار السلبية والكينونات الفكرية التي أنشأناها وتكون المواجهة عند الموت أو ما يشابهه لأن الداخل يصبح بالخارج، ويصبح جسدنا النجمي عالمًا كاملاً يعكس الأفكار المظلمة وجوانب شخصيتنا المختبئة ومخاوفنا، وسلاحنا حينها هو الحب والسرعة والدوران .
رأى شتاينر أن هناك فجوة في الكرة الثامنة، وجيب زمني من الأمل والفرص قد أُغلق بين عامي 1910 و 1914 حيث انحرفت ثقافة المعرفة عن مسارها، لكنه تنبأ باستبصاره أنه بعد 100 عام سيكون هناك جيب جديد من الوقت وانفتاح جديد للبشرية وهو ما يحدث منذ 2012!.
علينا أن لا نخشى العبور في الهاوية فلن يعلق بها إلا من يرفض وعيه الأسمى أو اتصاله الأعلى لفترات طويلة جدا، وبتنا نعلم أن المرور في الجحيم يعني مرورنا بمرحلة إيقاظ طاقة الكواندليني ( تلك الطاقة الجبارة التي ستحرق كل البرامج التي تبرمجنا عليها )، وإن التزمنا بالتوازن لن تؤثر بنا الطاقات الغير متوازنة المخزنة في الهاوية على مر العصور، وذاك الذي لم يستطع اجتياز الهاوية هو الشخص الذي تشعر أنه لا يمتلك طاقة الحياة ولا يوجد أصدق من العينين لتخبرك بذلك ..
د.غفران جميل
أسرار نيوز
Discussion about this post