الفانتازيا الملحمية ..
منذ نحو أكثر من قرن ونحن نقرأ في أدب الرواية عن الفضاء بين غموضه وغزوه لنا وغزونا له ،وبرزت العديد من الروايات الجميلة حول ذلك.
قرأنا وشاهدنا العديد من الأفلام السينمائية مما زاد في خصوبة تشكيل المشاهد عند القارئ لكن هذه الفانتازيا تم استهلاكها لكثرة تَناوُلِها.
– الحديث عن الخطر الذي يهدد الأرض من الفضاء أصبح أقل انتشارًا بعد تقارير عديدة علمية تفيد أن المحيطات تشكل 70 بالمئة من مساحة الأرض وتقريبا 80 بالمئة غير مكتشفة والآن وقد ظهرت علميًا الأبحاث عن هذا العالم المجهول التي تؤكد على الخطر القادم من الأعماق وأهمية اكتشاف غموضه وألغازه.
ماذا عن أدب الرواية وتناوله لهذه المساحة الغامضة ؟
لقد تناول العديد من الروائيين العالميين والعرب البحر والماء،وأبرز تلك الأعمال الروائية على سبيل المثال:
– عمال البحر لفيكتور هيجو
-العجوز والبحر إرنست همنغواي
– ما رواه البحر لساندرا سراج
– في قلب البحر ناثانيل فلبريك
وأديب الماء الروائي العربي “حنا مينا” أيضًا سمي بهذا الاسم لكثرة ما تناول البحر في رواياته
ولكن غالبيتها تميل إلى الواقع وهي أحداث على سطح البحر أو بيئة عاشت على شواطئه، أو حدث محدد في أعماقه
حديثًا برز الروائي العربي السعودي “أسامة المسلم” بفانتازيا عن أعماق البحر والمحيطات بملحمة أطلق عليها “البحور السبعة” تتضمن خمس روايات وهي:
لج وملكة الغرانيق، وثورة الحور، وصراع الملكات، وفجر السابرينات
ما يتجاوز 2500 صفحة بهذه الملحمة من قوة الحبكة والوصف الإبداعي الذي يميز ويبرز أية رواية لكن لم يكتفِ الروائي بذلك فأدخل الحوار الشيق عبر شخصيات تميزت حتى بأسمائها وأصبحت متدوالة عند جمهوره.
أسامة المسلم روائي معاصر فريد بإبداعه و إن كنت أتحدث بإيجاز عن ملحمة “البحور السبعة” لكن هو سطر وتميز بأكثر من ملحمة وسلسلة ربما خلال فترة زمنية أقل من عقد كتب ونشر عدة سلاسل روائية جميعها نالت شهرة منها سلسلة “بساتين عربستان” وأحد أجزائها صُور لمسلسل تلفزيوني.
أسامة المسلم يكتب بأسلوب السهل الممتنع هذا الأسلوب الواقعي وإن غاص بفانتازيا عميقة.
– ومن جميل وجمال الروائي أسامة المسلم التواصل المباشر الدائم مع جمهوره يصل حتى إلى النقاش معهم عن شخصيات رواياته يستمد من مخيلتهم أيضًا ما يراه ويسمع عن أرائهم عنها مما يرسخ من واقعية الشخصية الخيالية وهنا الإبداع الماسي الروائي.
فكما أبدع أليكساندر دوما في شخصيات الفرسان الثلاثة حتى باتت في ذهن الأجيال الحالية جزءًا من التاريخ الفرنسي.
شاهدت بنفسي قراء وجمهور أسامة يتحدثون عن شخصيات رواياته بكل حب وواقعية .
أسامة روائي مثقف حصن نفسه بالقراءة فبرزت ثقافته في العديد من الإسقاطات في رواياته ركز في موهبته وإبداعه على أدب الرواية وإن كتب القصة أيضًا بتشويق سامق.
تميل رواياته في أسلوبها إلى العرض السينمائي بجاذبية ساحرة للقارئ فأغلب أعماله تتجاوز 400 صفحة ونجد جمهوره متعطشًا لكل ما هو جديد له.
يتميز أيضًا بغزارة النشر دليل شغف وعشق لكتابة الرواية وهنا أستطيع القول أنه دحض مقولة شكسبير غزارة في الإنتاج سوء في التوزيع لتصبح غزارة في إنتاج الروائي إبداع في توزيع أدوار الشخصيات الروائية شكلت هوية فريدة به.
وإصداراته دليل خصوبة فطرية تم تخزينها خلال عقود لينشر أول أعماله وقد تجاوز من العمر السابعة والثلاثين عامًا، لتتوالى أعماله لأكثر من 27 إصدارًا وحققت أغلبها العديد من الطبعات والأكثر مبيعًا في العديد من المنصات، لذلك فاسمه حاضر بها باستمرار .
يملك جمهورًا واسعًا من القراء يتميز الكثير منهم بأن بداية القراءة لهم كانت مع رواياته.اهتمام أديبنا بالقارئ العربي الشاب والمحافظة عليه وتشجيعه مجدٌ يحسب له وهو من عَنون صفحته بمقولة ( المجد للقراءة )
يستحق هذا الروائي أن يكون على قوائم المسابقات الأدبية العالمية وأن تحتفي به الأقلام الأدبية للحديث عن إبداعاته.
– جمالية أخرى تميزه، فجميع إصداراته مع مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع تؤكد على أهمية التناغم بين الناشر والمؤلف من حيث جمالية الطباعة كما المحتوى والمضمون ونسب التوزيع والانتشار للكتاب .
د.عقيل علاء الدين درويش
Discussion about this post