تعلن الجهات الصحية الرسمية في سوريا، عن تسجيل أعداد متزايدة لإصابات مؤكدة بمرض “الفطر الأسود” حديث الانتشار، بشكل بدأ يثير القلق في تلك الدوائر المعنية بقطاع الصحة المرهق أصلاً من تبعات الحرب وانعكاساتها عليه.
قلقٌ مضافٌ لتحذيراتٍ سابقة أصدرتها الصحة بعدم الاستهتار “بالوافد الجديد”، كما حصل ويحصل مع وباء كورونا، الذي لم يَجدْ بعد هيبته في نفوس المواطنين، وهو الذي لا يعدو كونه رشحٌ أو” كريب”، حسب قول البعض.
دمشق تتصدر..وطرطوس تودع ضحيتين
وسجلت دمشق أعلى عدد إصابات في المرض، حيث أكد مدير مستشفى المواساة الجامعي الدكتور عصام الأمين، لتلفزيون الخبر أن” عدد الإصابات المسجلة بالفطر الأسود بلغ 20 حالة حتى يوم الخميس”.
بينما سجلت محافظة طرطوس 4 حالات، توفيت اثنتان منها خلال الشهرين الأخيرين في مستشفى الباسل في المدينة، بحسب تأكيد المستشفى الدكتور اسكندر عمار لتلفزيون الخبر.
وأشار الدكتور ” عمار” لتلفزيون الخبر إلى أن”الإصابات كانت شاملة للجيب الفكي وأجزاء من الحاجز الأنفي، وتمت معالجة الحالتين جراحياً وتنضير الأنسجة بالإضافة إلى العلاج الدوائي”، مبيناً أن “المريضين بحالة جيدة حالياً”.
في اللاذقية، قال المدير الطبي في مستشفى تشرين الجامعي الدكتور علي علوش لتلفزيون الخبر أن” عدد الإصابات المسجلة في المستشفى بلغ 6 إصابات مؤكدة حتى اليوم”.
ولم تسجل محافظة حمص، حتى لحظة إعداد هذا التقرير، أية إصابة بالمرض، حسب تأكيد رئيس شعبة الأمراض السارية والمزمنة بمديرية صحة حمص الدكتورة غدير الصليبي لتلفزيون الخبر، كما لم يتم تسجيل أي حالات في محافظات حلب ودير الزور والحسكة.
يصطاد ضعيفي المناعة وللنظافة دور كبير
و قال الدكتور نبوغ العوا لتلفزيون الخبر أن” سوريا تسجل إصابات متزايدة بمرض الفطر الأسود، لاسيما بعد انتشار موجة دلتا لفيروس كورونا”.
وأوضح العوا أن “الإصابات محدودة جداً خلال فترات طويلة ما قبل بدء الجائحة، وخصوصاً عند مرضى السكري المُهمَل”.
وأكد الدكتور العوا أن” مرض الفطر الأسود خطير، وسريع الانتشار، كما أن علاجه صعب ومكلف، إضافة إلى أن دواءه الوحيد غير متوفر بكثرة وبشكل دائم، مع الإشارة لعدم فعالية العلاج بشكل كبير في المراحل المتقدمة منه”.
وأشار إلى أن” وسيلة الحماية الأساسية منه تتمثل بعدم خفض مناعة الجسم، ورفعها عبر فيتامين (د ) مرة أو مرتين اسبوعيا، بعد إجراء تحليل للدم لمعرفة قيمته الموجودة في الجسم، مع غسل اليدين بشكل جيد كون المرض يجد بيئة مناسبة له في الأوساط المتسخة”.
و نقل تلفزيون الخبر عن مدير مستشفى المواساة بدمشق الدكتور عصام الأمين أن” المرض تسببه مجموعة من الفطريات الإنتهازية تسمى “الفطور المخاطية”، وهي موجودة بشكل طبيعي في البيئة المحيطة بالإنسان”, وأضاف “الفطر الأسود غير معدي ولايصيب إلا الأشخاص الذين لديهم ضعف مناعي شديد كحالات كالسكري غير المضبوط، أو الذين يأخذون دواء “كورتيزون” والأدوية المثبطة للمناعة والإيدز، أما الأسوياء مناعياً لا يتأثرون بالمرض”.
بدورها، بينت رئيس شعبة الأمراض السارية بمديرية صحة حمص الدكتورة غدير الصليبي لتلفزيون الخبر أن “المرض قديم، لكننا سمعنا به حديثاً، بسبب استعمال الكورتيزون بشكل كبير، وهو داء فطري قد يصيب أي شخص بشكل خفيف، لكن أعراضه تظهر بشكل أكبر عند الأشخاص مثبطي المناعة”.
ونوّهت الدكتورة الصليبي لضرورة انتباه مرضى الكورونا وتجنب أخذ الكورتيزون عشوائياً دون استشارة الطبيب، لأن ذلك سيؤدي لزيادة ضعف المناعة لديهم، وإصابتهم ببعض الأمراض ومنها الفطر الأسود.
بين الفطر وظروف الفقر
لم يبدِ المواطن السوري عموماً، ذاك الهلع والإرتباك منذ بدء انتشار المعلومات عن تسجيل إصابات بمرض الفطر الأسود في بعض المحافظات، الأمر المكرر الذي حدث سابقاً عند انتشار جائحة كورونا.
يقول أحمد وهو من سكان حي باب السباع بحمص لتلفزيون الخبر أن” المرض جديد لم أسمع به حتى الآن، وبكل صراحة “الناس همها لفوق راسا”، ولم نعد نبالي بأي مرض أو وباء مع كل ما نمر به في حياتنا اليومية”.
يضيف أحد سكان وادي الذهب” قيل لنا بعض المعلومات عن مسببات المرض وكيفية الحد من انتشاره، شخصياً تلقيت لقاح كورونا في أحد المراكز الصحية، وأتمنى من الجميع فعل الأمر نفسه، كي نقلل عدد الإصابات، وأؤكد أن اللقاح مجاني وفعال وآمن”.
وتعتبر الخضار والفواكه شبه التالفة، والتي تباع في الدكاكين ومحال الجملة، أحد الحلول التي يلجأ إليها المواطن، لتأمين حاجيات منزله بسعرٍ يصل إلى” نص حقها”، من البندورة والخيار والخس وغيرها.
في الوقت عينه، يشير عضو الفريق الإستشاري لمكافحة فيروس كورونا الدكتور نبوغ العوا لتلفزيون الخبر أن” هذه المواد تشكل بيئة صالحة لتواجد المرض فيها، كما أنها لا تحتوي على العناصر الغذائية الكافية لحماية الجسم”.
واقعٌ سبّبه غلاء الأسعار الهائل الذي يشهده سوق الخضار والفواكه، ليلجأ معه المواطن، لتوفير ما يمكنه من المال، وإن كانت البضاعة غير طازجة أو حتى مهترئة، فالخضار في زحمة المدفوعات اليومية ركنٌ أساسي، لا ضير في تقليل قيمة دفعه.
تقول سيدة من حي السبيل لتلفزيون الخبر” كل عمرنا نشتري البندورة نص مستوية، ولم يصبنا أي مرض أو داء، وراتبي 65 ألف ليرة فقط، وكيلو البندورة ب1300 ليرة، لذلك أسفكر حتماً بالتوفير قدر الإمكان”.
الصحة العالمية تعرف وتوضح
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فالمرض نادر للغاية، لا يحدث من خلال انتقال العدوى من شخص إلى آخر. ولا يصيب سوى الذين يعانون من ضعف شديد في المناعة.
وتحدث الإصابة نتيجة التعرض للفطريات الموجودة في البيئة المحيطة، عند استنشاق الميكروبات التي تنتقل بعد ذلك حتى تصيب الرئتين والجيوب الأنفية، وتنتشر حتى تصل إلى الدماغ أو العينين.
وتتضمّن العلاجات بعد الإصابة بمرض “الفطر الأسود”، عادة، مجموعة من الأدوية المضادة للفطريات، كما تتطلب بعض الحالات الحرجة التدخل الجراحي.
و يلاحظ بشكل واضح للجميع، تجاهل كثيرين للرأي الطبي الداعي والطالب والمترجي أحيانا ً لارتداء الكمامة بشكل دائم، مع الاستخفاف بمرتديها والنظر إليهم بعين الريبة والحذر، ويترافق ذلك مع ضعف عام بالإقبال على تلقي لقاح كورونا في المراكز الصحية.
يأتي ذلك، تزامناً مع اكتظاظ وسائل النقل العامة، والجامعات والمدارس بعدد كبير من المواطنين دون أي اكتراث من الإصابة بالعدوى، ليتناقض ذلك مع دعوات الفريق الحكومي الداعي دوماً لتحقيق التباعد الإجتماعي واتخاذ الإجراءات الاحترازية.
يشار أن المرض “الجديد” الوافد إلى البلاد، يتزامن مع انتشار واسع لموجة كورونا الرابعة( دلتا)، وتسجيل إصابات متزايدة في مختلف المحافظات، ووصولها لأرقام قياسية لم تصلها من قبل.
Discussion about this post