على أعتاب الثمانين وبعد أكثر من نصف قرن قضيتها قي كنف صاحبة الجلالة، لم أجد صاحباً صادقاً صدوقاً مثل القلم. اختبرنا الحياة سوياً في حلوها ومرها واختبرتنا. كان سفير عقلي وبريد قلبي ولسان حالي. القلم هو الوطن عندما يقسو عليك الوطن وهو الملجأ عندما تعريك الحقيقة وهو الحديقة الخلفية للفكر والمترجم الحيادي للنص الذي هو أنت فعقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم.
صاحبي هذا ما خذلني يوما في كتابة ذهبت إليها لضرورة عمل أو أتت إلي مرسالا من ذاتي. استحضرته اليوم لأكتب فأبى، أعلمته أننا في عمل فتمنع..!!
هددت بكسره فأنا على عجلة من أمري، فخط على الورقة مقولة يحفظها عن ظهر قلب “من نزل بأرض تفشى فيها الزنا فحدث الناس عن حرمة الربا فقد خان”..!!
لا يا عزيزي، تعلم أنك ترسانة أسلحتي في وجه الظلم والظلام وكم ازداد ويزداد اعداؤنا كلما سال حبرك.
اريد أن أكتب عن الفساد والافساد والفاسدين، عن الانسان المسحوق والأمل المسفوح، عن الوطن والمواطن، الواجبات والحقوق، عن القرارات والتعاميم المخالفة للقانون والدستور عن مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون في الدولة والمجتمع وعن أن الحكومة خادم الشعب لا سيده عن العدل وانهاء التعسف في استعمال السلطة وعن العدالة التي هي القيمة العليا في المجتمع.
عن خلق بيئة أمنة لعودة شباب الوطن الذين هم حجر أساس إعادة الاعمار. عن محاسبة ضعاف النفوس الذين استباحوا حرمة الوطن والمواطنبن..!!
أريد أن أكتب عن إعادة إعمار الانسان التي تحتاج بالضرورة إلى تغيير الشروط الموضوعية والذاتية التي أدت الى الأزمات الحياتية والنفسية لديه.
ولأن الكتابة بذهن مشتت تُسقط الفكرة ومن قبلها الكاتب ولأنها شقيقة الأمل، علينا جميعا أن نحطم الأقفال التي صدأت في أفواهنا، ونؤكد أن اقلامنا إنما هي من لحم ودم، وليست تُهم سافرة تمشي بلا قدم.
د.جميل الحمو
Discussion about this post